هل يمكن أن يوجد حزب سياسي مدني بفكر إسلامي معاصر؟
09/24/2012 00:00:00   |  المصدر: حزب الأنصار   | 

إن الإسلام دين شامل مرن يصلح لكل زمان ومكان ، قال تعالى : << ما فرطنا في الكتاب من شيء >> [الانعام : 38 ] لهذا يجب الإفادة القصوى  من مبادئ الدين الإسلامي في مجال السياسة ، فالسياسة علم والشريعة علم يجب التوفيق بينهما بشكل يرضي الله ويخدم الوطن والأمة ، وهذا الأمر لم تكن الاحزاب و التيارات الاسلامية الحديثة أول من دعا إليه بل سبقها علماء ومفكرين تحت مسميات عديدة مثل : الإسلام السياسي والسياسة الشرعية والتيارات السياسية الإسلامية ...... لكن الجديد المميز الذي يجب أن نسعى إليه هو بناء منهج فكري سياسي إسلامي حديث معتدل قابل للتطبيق بسهولة ويسر في المجتمع السوري المعقد طائفياً وسياسياً وأمنياً ، ليستطيع أي حزب إسلامي سوري  أن يطبق هذا المنهج في العمل السياسي .

 

إن بناء مثل هذا المنهج يحتاج إلى عمل جماعي تتضافر فيه جهود السياسيين  وعلماء الدين والباحثين في مختلف الاختصاصات الأخرى ذات العلاقة كالاقتصاد والقانون وعلم الاجتماع والتربية ........إلخ ، ويكون هذا العمل الجماعي العلمي بإشراف ودعم الأحزاب السياسية  ، أما الباحثين فيجب أن يكونوا من الإسلاميين المنتسبين إلى صفوف الأحزاب لتحقيق تواصل وتكامل أفضل فيما بينهم وصهر نتائج عملهم في بوتقة واحدة يقوم حزبهم بحملها إلى المجتمع وتطبيقها من خلال العمل السياسي المنظم .

إن المبادئ التي يعتمدها أي حزب سياسي إسلامي يجب ان لا تتناقض مع الدين الإسلامي بل يجب تنسجم معه ، وحتى المبادئ التي تبدو ظاهرياً غير منسجمة معه هي في الحقيقة يجب أن تنسجم مع روح الإسلام ، لكن هذا الأمر يحتاج إلى توضيح للناس من خلال المنشورات والأبحاث الدورية القادمة . إن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان واستقلال القضاء ..... كلها مبادئ منسجمة مع الدين الإسلامي أما الديمقراطية والدولة المدنية وغيرها من المبادئ التي تنادي بها الدول المتقدمة والتي قد تعتمدها الأحزاب الإسلامية فلا مانع من الاستفادة منها وتوليفها بما فيه خير لبلاد المسلمين ، مع العلم أن الحزب الإسلامي يحمل مشروعاً حضارياً مستمداً من الدين الإسلامي وقوانينه ،  فالله الخالق سبحانه وتعالى وضع قوانين لكل الكون، علّم بعضها للإنسان، ومنها العلوم السياسية التي تقدمت في الغرب أكثر من بلادنا - رغم أن هذه العلوم عرفها المسلمون منذ فجر الإسلام أيام الرسول عليه الصلاة والسلام  والخلفاء الراشدين - لكن الله تعالى وضع أيضاً ضوابط  شرعية وأخلاقية في كل مجالات العلوم وممارساتها و يجب عدم تجاوزها ، لأن في تجاوزها ضرر يعود على الفرد والمجتمع ، وإن كان هذا الضرر غير واضح احياناً أو لا يظهر إلا على المدى البعيد ، لكنه ضرر موجود يعلمه الله حتى لو لم يدركه الإنسان ، قال تعالى : << ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير >> [ الملك : 14 ] .

و الأحزاب الإسلامية يجب أن لا تكتفي فقط بالاستفادة من معطيات العلوم السياسية الحديثة وتجارب العمل السياسي في الدول المتقدمة والتوفيق بينها وبين الدين الإسلامي ، بل أيضاً يجب ان تسعى في منهجها إلى الاستفادة من تجارب وأخطاء الإسلاميين في السياسة عبر التاريخ لعدم الوقوع بها مجدداً ، لأن تكرار التجارب السياسية الفاشلة يكلف الوطن والأمة فاتورة باهظة من الدماء والأموال ، عدا عن الإساءة للسياسة والدين معاً .

أمام الأحزاب الإسلامية الكثير من العمل الطويل الشاق .أما الوصول الى السلطة أو المشاركة فيها بالنسبة لأي حزب إسلامي لا يجب أن يكون هدفاً بحد ذاته لكنه وسيلة لهدف أسمى هو إرضاء الله تعالى من خلال خدمة الوطن والأمة والدين ، لهذا فالطريق إلى السلطة يجب أن يكون طريقاً نظيفاً يرضي الله سبحانه و تعالى ، وهذا لا يتم إلا من خلال اكتساب القلوب واجتذاب العقول وحشد الطاقات الوطنية الشريفة المخلصة تطبيقاً لأمره تعالى : << وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان >> [ المائدة : 2 ] آملين من الله عز وجل أن يوفقنا في أداء مهمتنا الصعبة في هذه الظروف العصيبة .

                                                                                    

                                                                                           نضال السيد

 

جميع الحقوق محفوظة - حزب الأنصار
ansar-sy.org